تفاصيل رسالة محمد علي الحسيني إلى أبي محمد الشرع: دعوة للعدالة والتسامح في سوريا

في لحظة فارقة في تاريخ سوريا والمنطقة، أرسل محمد علي الحسيني، الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي، رسالة مفتوحة إلى الشيخ أحمد الشرع (أبي محمد)، حفيد المجاهد السوري المعروف طالب الشرع، بمناسبة الانتصار في سوريا. هذه الرسالة لم تكن مجرد كلمات في مناسبات عابرة، بل كانت رسالة تحمل بين طياتها معاني العدل والتسامح، وتسعى إلى بناء مرحلة جديدة من السلام والعدالة بعد سنوات من الحرب والصراع. رسالته كانت دعوة إلى التوبة، والتسامح، وإعادة بناء الوطن على أساس من العدالة والمساواة بين جميع مكونات الشعب السوري.

رسالة محمد علي الحسيني

أثناء الحرب السورية التي امتدت لأكثر من عقد من الزمن، وفي وقت كانت فيه المشاعر مشبعة بالحزن والدماء، جاءت كلمات الحسيني لتؤكد أن الانتصار لا يعني الانتقام، بل هو لحظة تصالح مع النفس والآخر، بناءً على التفاهم والتسامح، وليس على الثأر والانتقام. حيث أعلن في رسالته: “اليوم هو يوم المرحمة، لا يوم الانتقام.” هذا الموقف لم يكن مجرد بيان سياسي، بل كان رسالة أمل وشعور بالمسؤولية تجاه المستقبل، إذ لا يمكن لأي انتصار أن يكون حقيقيًا إذا كان مبنيًا على أسس من الظلم والانتقام.

الحسيني أراد أن يضع النقاط على الحروف، مشيرًا إلى أن الانتقام ليس هو ما يجب أن يسود بعد الانتصار، بل العدل والرحمة. كانت رسالته بمثابة دعوة لجميع الأطراف في سوريا للمضي قدمًا نحو مستقبل أفضل، خالي من الكراهية، ويقوم على التسامح بين كافة الطوائف والفئات الاجتماعية في المجتمع السوري.

الانتصار في سوريا: مرحلة جديدة من العدالة والتسامح

في رسالته، أشار الحسيني إلى أن انتصار الشعب السوري ليس مجرد انتصار سياسي، بل هو مرحلة جديدة ينبغي أن تنبني على العدل والمساواة. فبعد سنوات من المعاناة والدمار، كانت سوريا في حاجة ماسة إلى لغة جديدة من الحوار والتفاهم بين جميع أطياف المجتمع. ورغم الصعوبات التي واجهها السوريون، إلا أن الحسيني يرى أن الانتصار ينبغي أن يكون بداية لتصفية النفوس وفتح صفحة جديدة من التعايش المشترك بين كافة فئات الشعب.

أبرز ما ذكره في رسالته كان تأكيده على ضرورة حماية المدنيين الأبرياء من جميع الطوائف. واعتبر أن أولئك الذين عانوا ويلات الحرب يجب أن لا يتحملوا وزر أفعال الأنظمة الحاكمة أو المليشيات الطائفية. وأوضح أن الطوائف المختلفة مثل الشيعة، والعلوية، والإسماعيلية في سوريا هم جزء لا يتجزأ من نسيج الشعب السوري، ولا ينبغي لأي طرف أن يحاسبهم على أفعال الأنظمة التي حكمت البلاد. هذا التصور كان بمثابة دعوة لبناء مبدأ الشراكة بين مختلف الطوائف والشرائح في المجتمع السوري، بعيدًا عن تهميش أي طرف من الأطراف.

التعاون والتسامح: بناء المستقبل السوري

أكد الحسيني في رسالته على أهمية التعاون بين جميع مكونات المجتمع السوري، ووصفه بأنه الطريق الوحيد لبناء مستقبل أفضل للبلاد. إن اللحظة التي تلت الانتصار، في نظره، يجب أن تكون مرحلة تصالحية، لا تنطوي على النزاع أو الثأر، بل على العمل المشترك من أجل إعادة بناء سوريا. هذا التوجه يتطلب تبني سياسة شاملة تستهدف جميع السوريين دون تفرقة، وتساعد في الوصول إلى حلول سلمية تضمن العدالة لجميع الأطراف.

وفي ذات السياق، شدد الحسيني على ضرورة أن تكون القيادة السورية في المرحلة القادمة أكثر حرصًا على بناء جسور من التعاون بين جميع الفئات، لا أن تضع مصالح الطوائف فوق مصالح الوطن. وقال: “يجب أن نحرص على ضمان العدالة بين الجميع، وأن يكون كل فرد في سوريا شريكًا في بناء الدولة، لا ضحية لسياسات الماضي.”

العدالة بين السوريين: دعوة لإنهاء دورة العنف

في ختام رسالته، استشهد الحسيني بأحد الأحاديث النبوية الشهيرة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”، مستحضرًا بذلك مفهوم العفو والتسامح الذي ينبغي أن يكون سمة المرحلة القادمة. هذا الحديث كان بمثابة دعوة لوقف سلسلة العنف والانتقام التي طالما رافقت النزاعات في سوريا. بل وأكثر من ذلك، كان بمثابة دعوة لتكريس العدالة الاجتماعية، وحماية حقوق الجميع من دون استثناء.

رسالة هامة للمستقبل

رسالة محمد علي الحسيني لم تكن مجرد كلمات رنانة أو خطابًا عاطفيًا، بل كانت دعوة حقيقية للمصالحة والعدالة. فقد أشار بوضوح إلى أن الانتصار يجب أن يكون علامة فارقة نحو المستقبل، وليس مجرد استرداد للحقوق الشخصية أو الانتصار الطائفي. وعليه، فقد أكد أن بناء السلام في سوريا يتطلب توفير بيئة آمنة لجميع المواطنين، والحفاظ على حقوقهم دون تمييز أو تفرقة.

أيضًا، فإن رسالته تؤكد على أن الانتصار ليس مجرد نتيجة لحروب سياسية وعسكرية، بل هو انتصار للقيم الإنسانية التي يجب أن تتجسد في تسامح الأفراد والأطراف المختلفة. وبالتالي، فإن الحسيني كان يسعى من خلال هذه الرسالة إلى التأكيد على أن الطريق الحقيقي للسلام يمر عبر العدل والمساواة، وليس عبر الانتقام أو تكريس الانقسامات.

الواقع السياسي في سوريا: من الانتصار إلى البناء

على الرغم من الصعوبات والدمار الذي أصاب سوريا طوال سنوات من الصراع، فإن الحسيني كان يؤمن أن الوقت قد حان للبدء في بناء السلام. وقد أكد في رسالته أن المرحلة المقبلة يجب أن تكون مرحلة للغفران والتسامح، حيث أن الانتصار ليس في القضاء على الخصوم، بل في بناء وطن يعم فيه الأمان والعدل.

إضافة إلى ذلك، فقد دعى الحسيني جميع الأطراف الفاعلة في سوريا إلى التفكير بعمق في كيفية بناء دولة جديدة تستند إلى العدالة الاجتماعية، ويشارك فيها الجميع بلا استثناء. وعلى الرغم من التحديات التي قد تواجه هذا المسار، إلا أن الرسالة كانت واضحة: لا مجال للعودة إلى الأساليب القديمة من العنف والانتقام، بل يجب أن تكون المرحلة القادمة مليئة بالأمل والعمل المشترك.

ختامًا: نحو سوريا جديدة

لقد كانت رسالة محمد علي الحسيني بمثابة خارطة طريق للمستقبل السوري، حيث أكد من خلالها أن الخروج من دائرة العنف والنزاع يتطلب أولًا الاعتراف بالآخر، وثانيًا العمل من أجل بناء الثقة بين الجميع. وكانت كلماته دعوة للأمل، والعدالة، والسلم في وقت كانت فيه البلاد في أشد الحاجة إلى هذه القيم. وإن كان للصراع في سوريا بداية، فإن رسالته كانت بداية جديدة لعهد من التصالح والتعاون بين جميع فئات الشعب السوري.

ليلى الحسيني

محررة متعددة التخصصات تتمتع بقدرة فريدة على تبسيط المعلومات المعقدة وجعلها مفهومة للجميع. تتميز بأسلوب كتابة جذاب وسلس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى