سبب اطلاق سراح الناشطة الحقوقية نرجس محمدي: خلفيات وتفاصيل حالة صحية معقدة

في خطوة أثارت الاهتمام الدولي والمحلي، قررت السلطات الإيرانية إطلاق سراح الناشطة الحقوقية نرجس محمدي بشكل مؤقت بعد تدهور حالتها الصحية. جاءت هذه الخطوة بعد فترة من اعتقالها في سجن إيفين سيء السمعة في طهران، حيث كانت محكوميتها تتعلق بنشاطاتها الحقوقية، وخصوصًا مواقفها الرافضة لعقوبة الإعدام وإلزامية الحجاب في إيران. إلا أن قرار الإفراج المؤقت عن نرجس جاء في ظل وضعها الصحي الحرج، بعد إجراء عملية جراحية لاستئصال ورم حميد، مما جعل من الضروري إخراجها من السجن لتلقي الرعاية الطبية اللازمة.

في هذا المقال، سنتناول التفاصيل الكاملة حول سبب إطلاق سراح نرجس محمدي، مع تسليط الضوء على الظروف التي مرت بها، وأسباب اعتقالها في المقام الأول، وكذلك تأثير هذا الإفراج على حالتها الصحية والسياسية.

سبب إطلاق سراح نرجس محمدي:

في نوفمبر 2021، تم اعتقال نرجس محمدي، الناشطة الحقوقية البارزة في مجال حقوق الإنسان، بعد عدة سنوات من النشاط السياسي والاجتماعي في إيران. تعرضت الناشطة للعديد من الاعتقالات السابقة بسبب مواقفها المعارضة للسلطات، خاصة فيما يتعلق بحقوق النساء والحريات الشخصية. لكن في الآونة الأخيرة، وبعد خضوعها لعملية جراحية، أعلنت السلطات الإيرانية قرارها بالإفراج عنها مؤقتًا لإتمام علاجها.

وفقًا للتقارير الطبية، أجرت نرجس محمدي عملية جراحية معقدة في إحدى المستشفيات الإيرانية، شملت استئصال ورم حميد وترقيع عظمي. كانت هذه العملية ضرورية لإنقاذ حياتها، حيث كانت حالتها الصحية تتدهور بشكل ملحوظ داخل السجن. وأكد الطبيب الشرعي المعالج ضرورة إخراجها من السجن لضمان استكمال العلاج والحصول على الرعاية الصحية المناسبة.

التطورات الصحية التي أدت إلى الإفراج المؤقت:

قبل إطلاق سراحها المؤقت، كانت نرجس محمدي قد عانت من تدهور حاد في صحتها داخل السجن، بسبب الظروف القاسية التي كانت تمر بها. حيث كانت تُحتجز في سجن إيفين، الذي يشتهر بظروفه السيئة، وكان لديها حاجة ملحة لعلاج طبي متخصص.

تم تشخيص نرجس بورم حميد في منطقة حساسة من جسدها، مما استدعى إجراء عملية جراحية لاستئصاله. ورغم أن العملية كانت ناجحة، إلا أن حالتها الصحية كانت تتطلب رعاية طبية طويلة الأمد، إضافة إلى متابعة مستمرة كل ثلاثة أشهر. وعليه، قررت السلطات الإيرانية منحها فترة علاجية تمتد لثلاثة أسابيع خارج السجن، مع التأكيد على أن هذه الفترة ستكون مؤقتة، حيث سيعاد احتجازها بعد انتهاء تلك الفترة لاستكمال محكوميتها.

حالة نرجس محمدي الصحية:

تخضع نرجس محمدي الآن لبرنامج متابعة طبية دقيق، ويشرف على حالتها مجموعة من الأطباء المختصين. تحتاج الناشطة إلى مراقبة طبية مستمرة، إضافة إلى تلقي العلاجات اللازمة التي لا يمكن توفيرها في السجن بسبب عدم توافر الإمكانيات الطبية المتقدمة.

تتمثل التحديات التي تواجهها في ضرورة خضوعها لفحوصات طبية دورية كل ثلاثة أشهر، لضمان عدم ظهور مضاعفات صحية جديدة قد تهدد حياتها. وكانت السلطات الإيرانية قد أقرّت أن حالتها الصحية تدهورت بشكل جدي لدرجة أن مواصلة احتجازها في السجن قد تشكل خطرًا على حياتها، وهو ما دفعها إلى اتخاذ قرار الإفراج المؤقت عنها.

سيرة نرجس محمدي: نشاطها الحقوقي واعتقالاتها السابقة:

النشاط الحقوقي:

تُعتبر نرجس محمدي واحدة من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في إيران. عملت على مدار سنوات على الدفاع عن حقوق النساء، وحقوق الإنسان بشكل عام، كما كانت من الداعيات لوقف عقوبة الإعدام، وهي قضية كانت تشكل جزءًا كبيرًا من نشاطاتها. اشتهرت أيضًا بمواقفها المناهضة لفرض الحجاب الإلزامي في إيران، وهو ما جعلها تتعرض للاعتقال والملاحقة من قبل السلطات الإيرانية بشكل متكرر.

كما كانت نرجس محمدي تشارك بفعالية في العديد من الحملات الاجتماعية والسياسية، حيث كانت تعتبر صوتًا قويًا للمحرومين والمظلومين في إيران. وقد شكلت مواقفها تلك تحديًا كبيرًا للنظام الإيراني، الذي لا يتسامح مع المعارضة، وهو ما جعلها تُسجن وتُلاحق على مدى سنوات.

الاعتقال الأول:

كانت أولى اعتقالات نرجس محمدي في عام 2011، حيث تم احتجازها بعد مشاركتها في احتجاجات ضد السلطات الإيرانية. وفي عام 2015، حكمت عليها محكمة إيرانية بالسجن 6 سنوات بتهم تتعلق بـ “الدعاية ضد النظام” و “التحريض على العنف”. تم الإفراج عنها بشكل مؤقت في عام 2018 بعد حملة حقوقية دولية واسعة طالبت بالإفراج عنها بسبب وضعها الصحي.

الاعتقال الثاني:

وفي نوفمبر 2021، اعتُقلت نرجس محمدي مجددًا أثناء محاولتها ممارسة نشاطها الحقوقي في إيران، حيث كانت تشارك في حملات لمناهضة عقوبة الإعدام وفرض الحجاب. كانت تلك الحملة قد لاقت دعمًا واسعًا من قبل العديد من المنظمات الحقوقية الدولية، مما أدى إلى تزايد الضغط على السلطات الإيرانية.

ومع تفاقم حالتها الصحية في السجن، وتدهور وضعها بشكل سريع، قررت السلطات الإيرانية في نهاية المطاف الإفراج عنها مؤقتًا لتلقي العلاج اللازم.

ردود الفعل المحلية والدولية على الإفراج المؤقت:

في إيران:

بينما رحب الكثيرون من الناشطين الحقوقيين الإيرانيين بقرار الإفراج المؤقت عن نرجس محمدي، كان هناك أيضًا قلق من أن السلطات الإيرانية قد تستخدم هذه الفترة كوسيلة لتهدئة الضغوط الدولية دون أن تغير موقفها من حقوق الإنسان. وعلى الرغم من أنها أُفرج عنها مؤقتًا، إلا أن الكثير من الناشطين أشاروا إلى أن هذا الإفراج لن يحل المشكلة الكبرى المتعلقة بقمع الحريات في إيران.

على المستوى الدولي:

حظي قرار الإفراج المؤقت عن نرجس محمدي بتغطية إعلامية واسعة، حيث عبرت العديد من المنظمات الحقوقية الدولية مثل “منظمة العفو الدولية” و “هيومن رايتس ووتش” عن ارتياحها لهذا القرار، معتبرة أن ذلك يعد خطوة نحو احترام حقوق الإنسان في إيران. كما دعا هؤلاء إلى إطلاق سراحها بشكل كامل، وتوفير بيئة آمنة لها لمواصلة عملها في مجال حقوق الإنسان.

الختام:إطلاق سراح نرجس محمدي، ولو كان مؤقتًا، يعكس أحد التحديات الكبرى التي تواجه النشطاء الحقوقيين في إيران، حيث يبقى العديد منهم عرضة للاعتقال والملاحقة بسبب نشاطاتهم السلمية. وعلى الرغم من الظروف الصحية الصعبة التي مرت بها نرجس محمدي، فإنها تظل رمزًا للعديد من النساء والرجال الذين يناضلون من أجل حقوقهم وحرياتهم في وجه الأنظمة القمعية.

ما زال أمام نرجس محمدي العديد من التحديات بعد الإفراج عنها، ويبقى الأمل في أن يحصل النشطاء الحقوقيون في إيران على المزيد من الدعم على الصعيدين المحلي والدولي، وأن تشهد البلاد تحولات إيجابية تضمن حرية التعبير وحقوق الإنسان.

ندى عبدالرحمن

كاتبة تتمتع بمهارات عالية في سرد القصص وتغطية الأحداث الهامة. تسعى دائمًا لتقديم محتوى مفيد وممتع للقراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى