حكاية السجن الأحمر في صيدنايا: قصص لا تُصدق في معقل الألم والموت
سجن صيدنايا، أحد أكثر السجون شهرة وغموضًا في سوريا، يحمل في جدرانه قصصًا عن الألم والمأساة الإنسانية التي تعرض لها الآلاف من المعتقلين على مر عقود. اشتهر هذا السجن في عهد نظام حافظ الأسد واستمر مع بشار الأسد، ليصبح رمزًا للقمع والانتهاكات. تُعرف زنازينه بـ”زنازين الموت”، ويُطلق عليه لقب “السجن الأحمر”، في إشارة إلى الدماء التي أريقت داخله والتعذيب المروع الذي عاشه المعتقلون.
ما هو السجن الأحمر في صيدنايا؟
يقع سجن صيدنايا العسكري شمال العاصمة دمشق، ويُعتبر من أكثر السجون تحصينًا في سوريا. منذ إنشائه، كان مكانًا لاحتجاز المعتقلين السياسيين والمدنيين، الذين يُشتبه بمعارضتهم للنظام. شهد هذا السجن، وفقًا لمنظمات حقوقية، ممارسات تعذيب وحشية وإعدامات جماعية جعلته رمزًا للقمع الدموي.
لماذا يُطلق عليه السجن الأحمر؟
أُطلق عليه هذا الاسم بسبب التقارير التي تحدثت عن عمليات قتل ممنهجة وتعذيب عنيف، مما جعل دماء الضحايا تلطخ سجله، وربما أيضًا جدرانه. يُعرف السجن بكونه “غرفة التعذيب الصناعية”، حيث تُمارس فيه انتهاكات تُعد من بين الأسوأ عالميًا.
ضحايا السجن الأحمر: قصص مؤلمة لا تُنسى
أرقام صادمة
وفقًا لمنظمات حقوق الإنسان، يُقدر أن ما بين 5,000 إلى 13,000 شخص أُعدموا داخل السجن منذ عام 2011. في تقرير صدر عن منظمة العفو الدولية عام 2017، أشير إلى استخدام النظام السوري لمحرقة سرية داخل السجن للتخلص من جثث الضحايا، ما يجعل من المستحيل تحديد الأعداد الحقيقية للضحايا.
شهادات المحررين
عدد من السجناء الذين أُطلق سراحهم رووا قصصًا مأساوية عن التعذيب الممنهج وظروف الاحتجاز غير الإنسانية. أحد الناجين، بعد خروجه من السجن، لم يستطع الحديث عندما سُئل عن هويته بسبب الصدمة النفسية والجسدية التي عانى منها.
قصص مختفية
الصحفي سامر دعبول مثال على المأساة المستمرة. اختفى عمه في السجن منذ عام 2012 بعد اتهامه بتهريب الخبز. كحال العديد من الأسر السورية، لا يزال سامر يبحث عن أخبار تؤكد مصير عمه المجهول.
التحرير: أمل وسط الدمار
الفصائل المسلحة وتحرير السجناء
شهدت الأسابيع الأخيرة تحركات من الفصائل المسلحة لتحرير السجناء في صيدنايا. في عملية مثيرة، حُطمت أقفال زنازين السجن، مما سمح بإطلاق سراح مئات النساء والأطفال الذين كانوا محتجزين لعقود.
فرحة المحررات
وثّقت مقاطع فيديو لحظة تحرير السجينات، حيث سُمع صراخهن فرحًا بالحرية التي حصلن عليها بعد سنوات من العذاب. نقلت الحافلات السجينات إلى منازلهن وسط احتفالات عارمة من الأهالي والفصائل المسلحة.
السجن الأحمر لا يزال مغلقًا
رغم تحرير عدد كبير من السجناء، إلا أن الطوابق الثلاثة تحت الأرض من السجن الأحمر لا تزال مغلقة بسبب الحاجة إلى تقنيات وآليات متقدمة لاقتحامها. يُعتقد أن هذه الطوابق تضم العديد من السجناء الذين لا يزالون يعانون في ظروف مأساوية.
جرائم ضد الإنسانية في سجن صيدنايا
تقرير منظمة العفو الدولية
في تقرير صدر عام 2017، أكدت منظمة العفو الدولية أن سجن صيدنايا شهد عمليات تعذيب ممنهجة وإعدامات جماعية تُصنف كجرائم ضد الإنسانية. شملت هذه الجرائم التعذيب الجسدي والنفسي، والحرمان من الطعام والرعاية الصحية، وإجبار المعتقلين على الاعتراف تحت التعذيب.
أرقام مروعة
- يُعتقد أن أكثر من 10,000 معتقل سياسي اختفوا في السجون السورية خلال العقد الماضي.
- السجن الأحمر وحده يُعد مسرحًا لممارسات تعذيب أودت بحياة آلاف السجناء.
رمزية السجن الأحمر بعد سقوط النظام
مع سقوط نظام بشار الأسد وتحرير عدد من المعتقلين، بات السجن الأحمر رمزًا لمعاناة الشعب السوري خلال سنوات من القمع والديكتاتورية. يمثل هذا السجن واحدة من أحلك فصول التاريخ السوري، التي ستظل شاهدة على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
ختامًا:
أمل الحريةرغم الظلام الذي يحيط بحكاية السجن الأحمر في صيدنايا، إلا أن تحرير عدد من السجناء يُمثل بارقة أمل في مسار العدالة والحرية. تظل المطالبة بفتح الطوابق المغلقة والكشف عن مصير المفقودين مهمة إنسانية يجب أن تُتابع دوليًا. مع سقوط النظام السوري، يبقى الأمل في تحقيق العدالة لضحايا السجن الأحمر وكل السجون التي شهدت قمعًا مشابهًا.