التحذير من البدع في شهر رجب 2025: خطورة صيام الأيام المخصصة واحتفال ليلة الرغائب 1446

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أنزل الكتاب والميزان، وجعل لكل أمر حكمة، وجعل في شهر رجب رحمةً خاصةً لعباده المؤمنين، والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جاء بالحق ليبين لنا الصراط المستقيم، ويُحذّرنا من البدع والخرافات التي قد تدخل في ديننا. وبعد، فإنَّ البدع هي ما ابتُدع في الدين من أقوال أو أعمال لا أصل لها في كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حذرنا الله تعالى ورسوله الكريم منها في العديد من النصوص. وفي هذا المقال، سنتناول التحذير من البدع التي تُنسب إلى شهر رجب، وسنتعرف على كيفية تجنبها والالتزام بما هو صحيح وفقًا للشرع الإسلامي.

البدع في شهر رجب

يعد شهر رجب من الأشهر الحرم التي خصَّها الله بفضائل عظيمة، ولكن رغم هذه الفضائل، فقد ظهرت في بعض العصور بدعٌ منقولة عن بعض الناس الذين يظنون أنهم بذلك يقربون أنفسهم إلى الله. ومن هذه البدع ما يتعارض مع السنة النبوية الشريفة، ويؤدي إلى إحداث تفرقة بين المسلمين.

أولاً: صلاة الرغائب في شهر رجب

من أبرز البدع التي ظهرت في شهر رجب هي “صلاة الرغائب”، التي يقال إنَّها تُؤدى في أول جمعة من شهر رجب، وهي عبارة عن ركعتين بين المغرب والعشاء. وقد تمَّ نقلها عن بعض الأئمة المتأخرين دون أن يكون لها أي سند صحيح من السنة النبوية. فقد أجمع العلماء على أنَّ هذه الصلاة لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة. ولذلك فهي بدعة لا يجوز للمسلمين أن يمارسوها.

حكم صلاة الرغائب

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: “لا توجد صلاة خاصة بشهر رجب، ولا يجوز الإتيان بها على أنها سنة أو عبادة مستحبة.” ومن هنا يظهر التحذير الواضح من البدعة في هذا الأمر، لأنَّ عبادة الله تعالى لا تكون إلا بما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

ثانيًا: الاحتفال بليلة الرغائب

بعض المسلمين، خاصة في بعض المناطق، يحتفلون بما يُسمى “ليلة الرغائب”، وهي ليلة أول جمعة في شهر رجب. في هذه الليلة، يتجمع الناس ويؤدون مجموعة من الطقوس التي لا أصل لها في الإسلام. وقد أشار العلماء إلى أن هذه الليلة ليست من السنن الثابتة ولا من العبادات التي شُرعت، ولا يجوز للمسلمين أن يخصصوا لها احتفالًا أو عبادةً. بل إنَّ هذا الفعل يُعتبر من البدع التي ينبغي الحذر منها.

حكم الاحتفال بليلة الرغائب:

قال الشيخ الألباني رحمه الله: “لا يجوز الاحتفال بليلة الرغائب أو تخصيصها بأي عبادة غير التي وردت في السنة.” وأكد على أن تخصيص ليلة معينة للعبادة دون دليل شرعي يعتبر من البدع الضارة.

ثالثًا: صيام بعض الأيام في رجب على أنه سنة ثابتة

انتشرت بين الناس بعض الممارسات التي تتضمن تخصيص أيام معينة من شهر رجب للصيام، كصيام اليوم الأول من الشهر أو صيام جميع أيام الشهر. وعلى الرغم من أن الصيام في رجب لا يُعد بدعة في حد ذاته، إلا أنَّ تخصيص بعض الأيام منها للصيام بدعوى أنها أيام مباركة أو لها فضل خاص يعتبر من البدع التي لا يُستحب القيام بها.

حكم صيام بعض أيام رجب:

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: “لا يوجد حديث صحيح يخص صيام شهر رجب، والمستحب أن يصوم المسلم في أي وقت من السنة ما لم يخصه حديث صحيح.” ولذلك، يُستحب أن يصوم المسلم أي يوم من السنة متى شاء، ولكن لا يُسن تخصيص شهر رجب بالصيام إلا إذا كان وفقًا للأيام المعروفة في السنة كصيام الإثنين والخميس أو الأيام البيض.

رابعًا: تخصيص العمرة في رجب

تخصيص العمرة في شهر رجب من البدع الشائعة بين بعض الناس، حيث يظن البعض أن العمرة في هذا الشهر لها فضل خاص، بينما لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ شهر رجب له خصوصية في العمرة. فكل شهر في السنة يجوز فيه أداء العمرة، ولا يكون رجب أفضل من غيره إلا إذا توافقت مع الأيام العشر من ذو الحجة.

حكم تخصيص العمرة في رجب:

قال الإمام النووي رحمه الله: “لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تخصيص العمرة بشهر رجب، وهي مستحبة في أي وقت من السنة.”

خامسًا: الدعاء بأن “اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان”

من البدع المنتشرة في بعض الأوساط الإسلامية هو قول الدعاء “اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان”، وهو دعاء مشترك بين العديد من المسلمين. بينما لا يثبت هذا الدعاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو من الأحاديث الضعيفة.

حكم الدعاء ببارك لنا في رجب وشعبان:

قال الشيخ الألباني رحمه الله: “هذا الدعاء لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبالتالي يجب تجنب ترديده في هذا السياق.” ولا حرج في الدعاء لله تعالى بالبركة في أي وقت، ولكن يجب تجنب التمسك بدعاء لم يرد عن النبي.

خاتمة
في الختام، يجب على المسلمين أن يكونوا حذرين من البدع التي قد تطرأ على الدين، خاصة في الأشهر المباركة مثل شهر رجب. يجب أن نتبع السنة النبوية الصحيحة وأن نُحسن العبادة كما وردت في كتاب الله وسنة رسوله. من خلال تجنب البدع التي قد تضلنا، نكون أقرب إلى الله تعالى، وأكثر صوابًا في عبادتنا.

نورا الحسن

محررة متعددة المهارات تتميز بقدرتها على التكيف مع مختلف المجالات. تقدم محتوى يجمع بين الفائدة والإثارة، ويعكس اهتمامات قراء من مختلف الخلفيات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى