بعد أيام من البحث .. فرق الإنقاذ تعثر على جثمان الشاب عبدالهادي الصلتي ضحية حادث غرق مأساوي
في يوم السبت 30 نوفمبر 2024، وبعد ثلاثة أيام من البحث المضني والجهود الحثيثة من فرق الإنقاذ العمانية، تم العثور على جثمان الشاب عبدالهادي بن نبهان الصلتي من ولاية صور. كان الصلتي قد فقد في البحر بعد حادث غرق وقع يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024، أثناء وجوده على متن قارب صيد في عرض البحر.
رحلة البحث الطويلة:
بدأت رحلة البحث فور بلاغ السلطات عن حادثة سقوط الشاب عبدالهادي من القارب في البحر. ولم تكن المهمة سهلة، حيث كان البحر في تلك الأيام يعج بالأمواج العاتية، مما زاد من صعوبة البحث. إلا أن فرق الإنقاذ العمانية من جهاز الشرطة وخفر السواحل وفريق البحث الجوي، بذلت جهدًا غير عادي، مستخدمة كافة الوسائل المتاحة بما في ذلك الطائرات المروحية والزوارق البحرية.
استمرت عمليات البحث على مدار ثلاثة أيام متواصلة، وفي كل ساعة كان المتطوعون من أبناء المنطقة يشاركون في عملية البحث أملاً في العثور على الشاب عبدالهادي، الذي يعد من الوجوه البارزة في مجتمع ولاية صور.
السبب وراء الحادث:
بحسب المعلومات الأولية التي تم تداولها في وسائل الإعلام المحلية، فقد كان الشاب عبدالهادي في رحلة صيد مع بعض أصدقائه على متن قارب صغير. وبينما كانوا في عرض البحر، تعرض القارب لانقلاب نتيجة لحركة مفاجئة للبحر، مما أدى إلى سقوط عبدالهادي في الماء. ورغم محاولات الإنقاذ الأولية من أصدقائه، إلا أن الأمواج العاتية كانت أقوى، ولم يتمكنوا من الوصول إليه في الوقت المناسب.
من هو عبدالهادي الصلتي؟
عبدالهادي بن نبهان الصلتي، البالغ من العمر 22 عامًا، كان طالبًا في الكلية المهنية بصور. اشتهر بشخصيته الطيبة وأخلاقه العالية، وكان واحدًا من أكثر الطلاب نشاطًا في الأنشطة الثقافية والاجتماعية في الكلية والمجتمع المحلي. وُصف بأنه شاب طموح ذو رؤية واضحة لمستقبله، وكان دائم الابتسامة، محبًا للمساعدة ومبادرًا في خدمة المجتمع.
عبدالهادي كان من أسرة معروفة في ولاية صور، حيث يعد والده الشاعر نبهان الصلتي من الأسماء البارزة في مجال الأدب والشعر. ورغم الارتباط العميق بالفنون، كان عبدالهادي يسعى إلى تنمية نفسه في المجالات الأكاديمية والاجتماعية. كان يُعتبر نموذجًا يحتذى به بين زملائه في الكلية وفي المجتمع المحلي.
تأثير الحادث على المجتمع المحلي:
أثارت حادثة غرق الشاب عبدالهادي صدمة كبيرة في ولاية صور، فقد كان شابًا محبًا للحياة وخلوقًا، يعرفه الجميع بحسن معشره وطيبته. لم يكن الأمر مجرد فقدان شخص، بل كان فقدان رمز من رموز الطموح الشبابي في المنطقة. توافد العديد من المواطنين، سواء من أصدقاء أو زملاء الدراسة، إلى مواقع البحث، كما عبروا عن حزنهم العميق عبر منصات التواصل الاجتماعي.
من بين من رثوه كان الشاعر والإعلامي علي بن خميس المحاسبي، الذي قال: “فُجعنا برحيل الشاب الخلوق البشوش، عبدالهادي الصلتي حيث تم العثور على جثمانه مفارقًا للحياة بعد حادثة غرق. التقيت به في عدة مناسبات، آخرها حضوره معي في ورشة قدمتُها مسبقًا. كان شعلة أمل، ونموذجًا للشباب الطموح، شغوفًا بتنمية ذاته، لا تفارق الابتسامة وجهه، ولا يغيب عن أي محفل للعلم والعمل. رحمك الله وأسكنك الفردوس الأعلى مع الصالحين، وعظم الله أجر أهلك ومحبيك، وألهمهم الصبر على فراقك.”
كانت كلمات المحاسبي تُعبّر عن مشاعر الجميع في الولاية، الذين فقدوا شابًا كان يعد مصدر إلهام للكثيرين.
جهود فرق الإنقاذ:
قدمت فرق الإنقاذ العمانية، بقيادة شرطة عمان السلطانية وفريق البحث الجوي التابع للجيش السلطاني العماني، جهودًا مضاعفة للعثور على الشاب. العمل لم يكن سهلًا، خصوصًا وأن عملية البحث تمّت في مياه البحر الهائج، مما جعل مهمة الوصول إلى الشاب أكثر صعوبة.
في تصريح لوسائل الإعلام، أشار المتحدث باسم فرق الإنقاذ إلى أن “الظروف الجوية القاسية كانت تحديًا كبيرًا لنا في عملية البحث. ولكننا لم نكن لنتوقف حتى نتمكن من إيجاد الشاب عبدالهادي. كانت الجهود المبذولة من جميع الفرق المحترفة والشرطة مثيرة للإعجاب.”
التعاطف والتضامن المجتمعي:
لم يقتصر التأثير على الأسرة والعائلة فقط، بل كان هناك تضامن كبير من جانب المجتمع العماني، حيث عبر الكثيرون عن تعازيهم ومواساتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين تضامنهم مع أسرة الصلتي في هذه المحنة. كما أشاد الكثيرون بشخصية عبدالهادي الطيبة التي كانت محط إعجاب الجميع في مختلف المحافل.
الحظات الأخيرة من حياة عبدالهادي:
بالرغم من الحزن العميق الذي شعر به الجميع بسبب الحادث، إلا أن ذكرى عبدالهادي ستظل حية في قلوب أصدقائه وزملائه. في الأشهر الأخيرة، كان عبدالهادي قد بدأ نشاطات جديدة في مجال التطوع المجتمعي، مما جعله محط احترام في مدينته.
في حديثه مع بعض أصدقائه قبل الحادث، كان عبدالهادي قد عبّر عن حبه لمجتمعه وتطلعاته المستقبلية، مؤكدًا على أهمية العطاء والنشاط الاجتماعي في مسيرته الشخصية.
الذكريات التي خلفها عبدالهادي:
ترك عبدالهادي خلفه العديد من الذكريات الطيبة التي ستكون خالدة في قلوب كل من عرفه. زملاؤه في الكلية يتذكرون كل لحظة مر بها معهم، وكيف كان دائمًا متفائلًا يسعى للخير، سواء في الأنشطة الثقافية أو المشاريع الاجتماعية التي كان يشارك فيها.
كما يذكر أصدقاؤه مشهدًا أخيرًا في يوم الحادث، حيث كان مع أصدقائه في رحلة صيد على البحر، وكان حديثهم يدور حول آمالهم وطموحاتهم في المستقبل. الجميع يتذكر عبدالهادي بابتسامته التي كانت لا تفارق وجهه، وأسلوبه الذي يجمع بين الجدية والطرافة.
تقدير جهود الإنقاذ في المستقبل:
حادثة غرق عبدالهادي الصلتي سلطت الضوء على أهمية تحسين أدوات الإنقاذ في البحر، وزيادة التوعية بسلامة الصيادين. وخرجت دعوات من أهالي ولاية صور لزيادة الوعي بسلامة البحر واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الأرواح.
خاتمة:
في النهاية، تظل قصة الشاب عبدالهادي الصلتي مصدر إلهام لأجيال قادمة، فهو لم يكن مجرد طالب، بل كان نموذجًا للشاب الذي يجسد الطموح والأمل، ويحلم بمستقبل مشرق. حادثته ستكون ذكرى مؤلمة لكل من عرفه، وستظل سيرته الطيبة وشخصيته الفريدة في ذاكرة الجميع.