تفاصيل وفاة الأستاذ الفاضل الجلولي في تونس: ضحية التنمر والتسلط المدرسي
في حادثة مفجعة هزت المجتمع التونسي، توفي الأستاذ الفاضل الجلولي، معلم مادة التربية الإسلامية في مدرسة “ابن شرف” في مدينة الشابة بولاية المهدية، إثر تعرضه لحروق بالغة بعد إضرامه النار في نفسه. الحدث خلف صدمة كبيرة في أوساط المجتمع التعليمي، حيث تم تداول تفاصيل الحادث بشكل واسع عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. ولكن ما هي تفاصيل هذه الحادثة المؤلمة؟ ومن هو الفاضل الجلولي؟
من هو الأستاذ الفاضل الجلولي؟
الأستاذ الفاضل الجلولي كان معلمًا في مادة التربية الإسلامية في المدرسة الإعدادية “ابن شرف” بمدينة الشابة في ولاية المهدية، وكان يبلغ من العمر 50 عامًا. على الرغم من كونه شخصًا محترمًا في مجاله، إلا أن الفاضل الجلولي تعرض خلال الفترة الأخيرة لحملة تنمر شديدة من بعض الطلاب. هذه الحملة، التي تخللتها مقاطع فيديو وصور له تم تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي بين طلاب المدرسة، أثرت عليه نفسيًا بشكل كبير.
على الرغم من أن الجلولي كان يعمل في مهنة التعليم بكل تفانٍ، إلا أن الحملات السلبية التي تعرض لها على يد بعض الطلاب أسهمت في تدهور حالته النفسية بشكل ملحوظ. هذه الظروف، إلى جانب غياب الدعم الكافي من الإدارة التعليمية، كانت من العوامل التي أدت إلى ما حدث لاحقًا.
سبب وفاة الأستاذ الفاضل الجلولي
توفي الأستاذ الفاضل الجلولي في يوم الخميس الماضي بعد أن أضرم النار في نفسه مساء يوم الأربعاء، إثر تعرضه لمعاملة قاسية من قبل بعض الطلاب في مدرسته. وفقًا للتقارير، فقد قام الفاضل الجلولي بحرق نفسه في منزله بمدينة الشابة، ما أدى إلى إصابته بحروق خطيرة، ونقل على إثرها إلى مستشفى بن عروس لتلقي العلاج. لكن رغم محاولات الأطباء، فقد توفي متأثرًا بجراحه بعد ساعات من وصوله إلى المستشفى.
الحادثة أثارت غضبًا واسعًا في أوساط المجتمع التونسي، وخاصة في الوسط التعليمي، حيث عبرت العديد من النقابات والهيئات التعليمية عن استيائها من التعامل السلبي مع القضية. في الوقت نفسه، عبر العديد من المعلمين عن استيائهم من انتشار ظاهرة التنمر في المدارس، التي قد تؤدي إلى تدمير حياة الأشخاص.
إضراب عام في المؤسسات التربوية
على خلفية حادثة الوفاة، شهدت جميع المؤسسات التعليمية في معتمدية الشابة، بما في ذلك المدارس والمعاهد التعليمية، إضرابًا عامًا. وقد شارك العديد من المعلمين في هذا الإضراب تضامنًا مع زميلهم الراحل، وللتنديد بالتنمر والسخرية التي تعرض لها. وقد أكد كاتب عام نقابة التعليم الثانوي في المهدية، عمر نصر، في تصريحات له عبر إذاعة “موزاييك التونسية”، أن الإضراب كان احتجاجًا على إهمال الإدارة المدرسية وعدم اتخاذ أي إجراء ضد التنمر الذي تعرض له الفاضل الجلولي.
التنمر: أسباب ونتائج
التنمر في المدارس أصبح مشكلة متزايدة في العديد من الدول، بما في ذلك تونس. وفقًا للتقارير، فإن الطلاب الذين تعرضوا للتنمر في المدارس يعانون من مشاكل نفسية طويلة الأمد، مثل الاكتئاب والقلق. وفي حالة الأستاذ الفاضل الجلولي، يبدو أن الحملة الضارة التي تعرض لها من قبل بعض الطلاب كانت السبب الرئيسي وراء تدهور حالته النفسية بشكل كبير، مما أدى إلى تصرفه المأساوي في نهاية المطاف.
وقد أشارت نقابة التعليم التونسي إلى أن التنمر والتشهير في وسائل التواصل الاجتماعي كان له تأثيرات مدمرة على نفسية المعلم. كما دعت وزارة التربية والتعليم التونسية إلى فتح تحقيق عاجل في ملابسات الحادثة وتحميل المسؤوليات القانونية والإدارية لأي جهة تقاعست عن التعامل مع المشكلة.
التضامن ودعوات التحقيق
بعد وفاة الفاضل الجلولي، أعربت العديد من الجهات الرسمية وغير الرسمية عن تضامنها مع عائلته وزملائه في العمل. ومن ضمن هذه الجهات، تقدمت نقابة التعليم الثانوي في تونس بأحر التعازي إلى عائلة الفاضل الجلولي والأسرة التربوية في كامل الجمهورية، وأكدت رفضها لجميع أشكال التنمر والسخرية التي قد تؤدي إلى تدمير حياة الأشخاص.
في السياق ذاته، دعا النقابيون والعديد من المعلمين إلى إجراء تحقيقات في ملابسات الوفاة، وتحميل المسؤولية للأطراف التي تسببت في الضغط النفسي على الأستاذ الراحل. كما شددوا على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد أي سلوك يشجع على التنمر في المدارس.
تفاعل واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي
الحادثة أثارت موجة من ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبر الكثيرون عن استيائهم من المعاملة التي تعرض لها الأستاذ الفاضل الجلولي. العديد من المستخدمين طالبوا بتشديد الرقابة على سلوك الطلاب داخل المؤسسات التعليمية وتطبيق قوانين صارمة ضد التنمر.
كما أطلق عدد من النشطاء حملات تدعو إلى تعزيز الوعي حول التأثيرات السلبية للتنمر على الأفراد، خاصة في بيئات العمل والدراسة.
وفاة الأستاذ الفاضل الجلولي تفتح النقاش من جديد حول قضية التنمر في المدارس وأثره على الأفراد. هذه الحادثة المأساوية يجب أن تكون جرس إنذار للسلطات التونسية والمجتمع بأسره للتحرك بشكل عاجل لمكافحة هذه الظاهرة التي تؤثر سلبًا على الصحة النفسية والبدنية للطلاب والمعلمين على حد سواء. كما أن هذه الحادثة تُظهر ضرورة وجود إجراءات أكثر فاعلية لمكافحة التنمر، وتقديم الدعم النفسي للمتضررين من هذه السلوكيات.